مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات وتطبيقاته العملية من واقع وزارة التنمية الاجتماعية في الأردن
د. فواز رطروط
مدير التثقيف والتوعية المجتمعية
ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر المسؤولية المجتمعية للمؤسسات: ثقافة ونهج، المعقود في فندق الشيراتون، عمان- الأردن، يوم 28/4/2009 .
الملخص:
يتضح من نشاءه وزارة التنمية الاجتماعية، وتطورها، اللذان يعكسان إطارها الإستراتيجي، وممارساتها العملية، أن لديها مفهومها عن المسؤولية الاجتماعية بنوعيه الداخلي، والخارجي،خلاصته على مستوى النوع الداخلي، الاهتمام برفاه الموظفين، وتمكينهم، من خلال اللجنة اجتماعية، التي شكلتها لتعزيز مشاركة الموظفين بأمورهم الخاصة كأفراحهم، وأتراحهم، والجمعية التعاونية لموظفيها، التي تتلقى الدعم المعنوي والمادي منها.
أما خلاصته على مستوى النوع الخارجي، فهو قيام مؤسسات القطاع الخاص الفاعلة، والأفراد الفاعلين بتمويل بعض مشاريع العمل الاجتماعي، بصفتهم جزءاً من المجتمع، وعليهم المساهمة في حفظ أمنه. ففي عام 2008، ساهم القطاع الخاص بتمويل صندوق زواج الخارجين من دور الرعاية الاجتماعية، وصندوق إعانة الفقراء، الذينلا تنطبق عليهم شروط الانتفاع من خدمات صندوق المعونة الوطنية، وصيانة بعضمساكن الفقراء في محافظتي الزرقاء وإربد.
مقدمة:
يتضح دور وزارة التنمية الاجتماعية في مجال المسؤولية الاجتماعية، التي عكفت على بلورته، وتطويره، منذ نشأتها وحتى الآن، كما يظهر من إطارها الإستراتيجي، وممارساتها العملية.
نشأة وزارة التنمية الاجتماعية، وتطورها:
تأثرت وزارة التنمية الاجتماعية، قبل تأسيسها، وفي أثنائه، وبعده، بظروف المجتمع الأردني، التي انعكست على موقفها من العمل الاجتماعي، الذي يشكل ميدان ممارستها العملية.
فقد بدأ العمل الاجتماعي في الأردن تطوعياً، من خلال الجمعيات الخيرية، التي تشكلت في الفترة من عام1912-1935، بموجب قانون الجمعيات العثماني، الصادر عام 1852 ؛ لأسباب ظاهرها اجتمـــاعي( التكافل الاجتماعي).
وبعد تأسيس الدولة في مطلع العقد الثاني من عشرينيات القرن العشرين، فقد سجلت العديد من الجمعيات الخيرية بموجب قانون الجمعيات الأردني لعام 1936، لدى رئاسة الوزراء.
وعلى اثر نيل الأردن لاستقلاله عام 1946، أنشت للشؤون الاجتماعية إدارة خاصة في وزارة الداخلية عام 1948؛ للتصدي لظاهرة الهجرة الداخلية، وآثارها.
وفي العام 1951 نقلت إدارة الشؤون الاجتماعية، من وزارة الداخلية إلى وزارة الصحة، ورفعت إلى دائرة عرفت آنذاك بدائرة الشؤون الاجتماعية، وتمثل دورها في الحد من هجرة المواطنين من الريف إلى المدن، ورعاية الأحداث الجانحين، وتقديم المساعدات للفقراء.
وفي عام 1956 صدر قانون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 14 لسنة 1956، ونصت المادة الثالثة منه على غاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهي " توفير الضمان الاجتماعي الشامل والكفاية الإنتاجية، وتنسيق الخدمات الاجتماعية لجميع المواطنين في جميع مراحل العمر، وتنظيم استثمارهم " .
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، عام 1956 تطبق قانونها من خلال دوائرها التنظيمية آنذاك. وتعرض الإطار المؤسسي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للتغيير، في الفترة من عام 1970 _ 1997، بموجب النظم ذوات الأرقام ( 70 لسنة 1970، 36 لسنة 1980، 24 لسنة 1991، 21 لسنة 1997). ففيعام 1975 تغير اسم الوزارة من الشؤون الاجتماعية والعمل إلى التنمية الاجتماعية والعمل، وفي عام 1979 انفصلت التنمية الاجتماعية عن العمل، وأصبحت الوزارة تعرف باسم التنمية الاجتماعية. وقد دمجت وزارة التنمية الاجتماعية بعد عام 1979 مع وزارات أخرى لعدة مرات، واستمر ذلك الدمج حتى عام 1989، ففي الفترة الواقعة بين 28/4/1989 و 6/12/1989 دمجت الوزارة مع الصحة تحت اسم وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية، ومنذ 6/12/1989 وحتى تاريخه عاد للوزارة اسم التنمية الاجتماعية، المعكوس في نظام تنظيمها رقم 20 لسنة 1997. وللوزارة هيكليها التنظيمي الهرمي، الذي يبدأ من الوزير، المرتبط به كل من الأمين العام، ومستشاريه، ومدير وحدة الرقابة، مروراً بالأمين العام، الذي يرتبط به، هو الآخر كل من مساعديه ( للرعاية والتنمية)، ومديري المديريات والوحدات المركزية(الأسرة ، الدفاع الاجتماعي، شؤون الأشخاص المعوقين، تعزيز الإنتاجية، الجمعيات والهيئات الاجتماعية، التثقيف والتوعية المجتمعية، تنمية وإدارة الموارد البشرية، الشؤون الإدارية، الشؤون المالية، الأبنية والمساكن، التخطيط والتطوير المؤسسي، وتكنولوجيا المعلومات، ووحدة الشؤون القانونية)، ومديري مديريات التنمية الاجتماعية الميدانية في المحافظات، وألويتها، البالغ عددها 38 مديرية، وانتهاءاً برؤساء المكاتب ومديري المراكز والمؤسسات ، البالغ عددها 135، الذين يرتبط اغلبهم بمديري التنمية الاجتماعية.
وفي عام 2008 ، قامت الوزارة بإعداد خطتها الإستراتيجية للسنوات 2009-2011، التي عكست:
رؤيتها، وهي "مجتمع آمن عماده الأسرة ويتمتع بخدمات اجتماعية ذات نوعية وقيم مجتمعية تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي ومجتمع العدالة).
رسالتها(الارتقاء بالعمل الاجتماعي التنموي، وتطوير السياسات الاجتماعية الشاملة والمتكاملة لتنمية المجتمع، وتحسين نوعية حياة أفراده، وتوظيف المعلومات والمعرفة لتوفير الخدمات الاجتماعية المتميزة، وترسيخ عملية التنمية المستدامة القائمة على مبدأ المساءلة والمشاركة).
- صلتها بالأهداف الوطنية، وهي:
- تعزيز اعتماد الأردنيين على أنفسهم ومساعدة غير القادرين منهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية.
- المحافظة على الأردن والارتقاء به كمكان آمن ومناسب للعيش والعمل وتربية أجيال المستقبل.
وصلتها بالأهداف القطاعية، التي تسهم في تحقيقها، وهي:
- تطوير السياسة الاجتماعية، وتنفيذها.
- توفر الخدمات الاجتماعية المتكاملة.
- تعزيز دخول الأردنيين.
أهدافها الإستراتيجية المؤسسية، وهي :
- المساهمة في تطوير السياسة الاجتماعية، وتنفيذها؛
- تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة؛
- تنظيم العمل الاجتماعي الأهلي التطوعي، وتفعيله؛
- توفير الخدمات الاجتماعية والارتقاء بها؛
- ورفع كفاءة وزارة التنمية الاجتماعية، وفاعليتها.
هذا وتسعى الوزارة لتحقيق خطتها الإستراتيجية، من خلال موظفيها، البالغ عددهم2034 موظفاً وموظفة، يعملون في مركزها، وميادينها ، المؤلف من 173 وحدة إدارية لامركزية( مديرية، مكتب، مركز، مؤسسة).
وتحصل وزارة التنمية الاجتماعية، على مواردها المالية، من مصدرين، احدهما الموازنة العامة للدولة. أما المصدر الآخر، فهو التبرعات والمنح، التي ترد من بعض مؤسسات القطاعين الخاص( كشركة زين) وشبه العام( كالمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين)، وبعض المواطنين الميسرين.
وتقدم وزارة التنمية الاجتماعية، الكثير من الخدمات، بموجب التشريعات الناظمة لعملها، من القوانين( قانون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 14 لسنة 1956 وتعديلاته حتى سنة 1965، قانون الأحداث رقم 24 لسنة 1968 وتعديلاته حتى سنة 2007، قانون الحماية من العنف الأسري رقم 6 لسنة 2008، وقانون الجمعيات رقم 51 لسنة 2008 )، والنظم( نظام جمع التبرعات للوجوه الخيرية رقم 1 لسنة 1957، نظام رعاية الطفولة رقم 34 لسنة 1972، نظام التنظيم الإداري رقم 20 لسنة 1997، نظام دور حماية الأسرة رقم 48 لسنة 2004 ، ونظام دور الحضانة رقم 52 لسنة 2005)، والتعليمات.
ومن ابرز الخدمات، التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية، تسجيل الجمعيات، والإشراف عليها؛ و ترخيص دور الحضانة، ومؤسسات ومراكز التربية الخاصة؛ وبناء وصيانة المساكن للأسر الفقيرة؛ وتمويل مشاريع القروض الإنتاجية الصغيرة؛ ورعاية الأفراد ذوي الظروف والاحتياجات الخاصة، مثل: الأطفال الفاقدين للسند الأسري، والنساء المعنفات من قبل أسرهن، والأحداث الخارجين على القانون، والمسنين الفقراء، والأشخاص المعوقين.
وما يؤكد على قيام الوزارة بتقديم خدماتها السالفة الذكر كبر نطاقها الإشرافي، المؤلف من 1100 جمعية محلية، و49 جمعية عربية وأجنبية، و168 مؤسسة لرعاية المعوقين، و24 مؤسسة لرعاية الأطفال الأيتام، و 794 دار حضانة نهارية، و 11 مؤسسة لرعاية كبار السن، و6 أندية نهارية للمسنين.
مفهوم وزارة التنمية الاجتماعية للمسؤولية الاجتماعية، وتطبيقاتها له:
يعد مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات من احد المفاهيم الحديثة، غير المجمع على تعريفه الإجرائي في الأردن، بالرغم من وضوح جوهره النظري، وهو انسجام المؤسسات في أعمالها وأنشطتها مع توقعات المجتمع، واستجابتها لمتطلباته القانونية والأخلاقية والقيمية والبيئة.
وبالاستناد إلى جوهر مفهوم المسؤولية الاجتماعية، حسب ما اتضح أنفا، فأنه يشكل أهم القضايا،التي تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على إيجاد أطر نظرية وتطبيقية لها، وما يؤكد ذلك المعطيات التالية:
تنظيمها لمؤتمر وزراء الشؤون التنمية الاجتماعية العرب،في الفترة 12-13 /11/2008 ، تحت عنوان "المسؤولية الاجتماعية للشركاء ودورهم في التنمية الاجتماعية في المنطقة العربية"، وترويجها لتوصياته في الدورة 28 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، المعقود في شرم الشيخ يوم 20/12/2008 ، الذي تبناها.
إيفادها لبعض موظفيها إلى الملتقيات الوطنية، التي تعقد في مجال المسؤولية الاجتماعية، مثل: الملتقى الذي أقامه مركز الأردن الجديد للدراسات في الفترة 30و31/3/2008 ، وهذا الملتقى الذي يجمعنا اليوم.
تكوينها نماذج ريادية في مجال المسؤولية الاجتماعية، تدل عليها الاتفاقيات المبرمة بينها وبين بعض مؤسسات القطاع الخاص ، مثل: الاتفاقية المبرمة بينها وبين شركة زين، التي تجدد سنوياً.
إدراجهـا لمفهوم تعزيز المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص في خطتها الإستراتيجية للسنوات 2009-2001 .
اهتمامها بقياس رضا موظفيها، ومتلقي خدماتها، كما يظهر من تقارير مشاركتها في جائزة الملك عبدالله الثاني لتميز الاداء الحكومي والشفافية.
سعيها لتجذير مفهوم المسؤولية الاجتماعية بصفتها الجهة الحكومية الرئيسة المعنية بالعمل الاجتماعي. فهي تتطلع إلى:
- إنضاج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، من خلال التوافق الوطني الأردني عليه، وتحديد مجالاته العملية( دعم العمل الأهلي التطوعي، إعادة تأهيل العاطلين عن العمل،وتدريبهم،....الخ).
- تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية، من خلال: إعداد مشروع قانون للمسؤولية الاجتماعية، وتقديم الحوافز المادية والمعنوية للقطاع الخاص، ومراقبة أداء القطاع الخاص في أثناء عمله في ميدان المسؤولية الاجتماعية، ووضع معايير تميز أداء و شفافية مشاركة القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية.
وختاما، يمكن القول أن لدى وزارة التنمية الاجتماعية مفهومها عن المسؤولية الاجتماعية بنوعيه الداخلي، والخارجي.
- خلاصته على مستوى النوع الداخلي، الاهتمام برفاه الموظفين، وتمكينهم، من خلال اللجنة اجتماعية، التي شكلتها لتعزيز مشاركة الموظفين بأمورهم الخاصة كأفراحهم، وأتراحهم، والجمعية التعاونية لموظفيها، التي تتلقى الدعم المعنوي والمادي منها.
- أما خلاصته على مستوى النوع الخارجي، فهو قيام مؤسسات القطاع الخاص الفاعلة، والأفراد الفاعلين بتمويل بعض مشاريع العمل الاجتماعي، بصفتهم جزءاً من المجتمع، وعليهم المساهمة في حفظ أمنه. ففي عام 2008، ساهم القطاع الخاص بتمويل صندوق زواج الخارجين من دور الرعاية الاجتماعية، وصندوق إعانة الفقراء الذينلا تنطبق عليهم شروط الانتفاع من خدمات صندوق المعونة الوطنية، وصيانة بعضمساكن الفقراء في محافظتي الزرقاء وإربد.